الأحد، 30 يونيو 2019

"غتار موكع الطيّارة" من رجال ثورة العشرين في الديوانية

علي الخاقاني - مدونة أمل الحياة

بعد مئوية ثورة العشرين يتذكر تاريخ العشائر العربية كلمتها في تلك الثورة ويتغنى بنصرها ، فبات واضحا ان الغِيرة والوجدان اساسان  لكل انتفاضة شعبية، وكانت لعشائر الديوانية مواقف جمّة  ولعشائر الاكرع كلمة حزم فانجبت الثورة العديد من الشخصيات ومنها الشيخ غتار العفلوكي.
يروي الشيخ كرار كاظم غتار العفلوكي إن جدّه الشيخ غتار براك سوادي فياض العفلوكي الكرعاوي الشمري كان من القادة البارزين في الثورة وله مواقف كثيرة فيها 

"غتار موكع الطيّارة" 
كان الشيخ غتار آنذاك في منطقة غماس (احدى نواحي محافظة الديوانية حاليا) وتحديدا في بساتين ام شواريف فإذا بالناس تصرخ (هناك حربية قادمة اهربوا اهربوا) [الحربية : طائرة انكليزية] فجثا لها وتربصها واطلق عليها النار فأسقطها في أراضي ال شبل [احدى عشائر الفرات الاوسط] واهتزج قائلا :( يالترعد بالجو هز غيري) .. فهزجوا آل شبل (غتار موجع الطيّارة) فمنحوه أرضا (شكارة) ترعى فيها المواشي بدون مقابل لعمله النبيل.
ويشار الى ان تلك الطائرة هي الطائرة الانكليزية الوحيدة التي أُسقطت في الفرات الاوسط آنذاك ، وممايؤيد كلام الراوي بأن عشائر ال شبل (ال صادج) الى يومنا هذا يستذكرون ذلك التاريخ.
وأنشد الشاعر علي الكرعاوي
هلي يكولون جدي ووالدي يشهد
بسم غتار الحِزم جانت كبل تنشد
وهو رداد كلمن جان ماينرد
الشاهد عدنه الشاهد : بالطيّارة الذبها شتات

قصة اسم نهر "الغتّارة" 
نهر الغتّارة يقع في ناحية الشافعية التابعة لمحافظة الديوانية ، وكان الشيخ غتار اليد اليمنى للشيخ شعلان آل عطية وفي احدى المعارك استبسل هو واصحابه بالقرب من نهر في الشافعية وسمي هذا النهر باسمه تيمنا به وحمل النهر اسم "الغتّارة" ليومنا هذا على المقاطعة 11.

بين غتار وغتار ومقولة "الخلّف مامات" 
المقولة التي اشتهر بقولها أهلنا القدماء  " الخلّف مامات" ؛غتار وغتار رجلان في زمنين مختلفين ولكنهما حملا اسما ودما وملامح وجه واحد بل وموقف ونهاية واحدة.
رئيس عشائر العفالجة الشيخ غتار العفلوكي
ففي يوم من الايام كان الشيخ غتار في أرض تعود لعشيرة العفالجة اسمها ( ام الامرار) واحاط به العسكر الانكليزي من جوانبه الاربعة وكان برفقة خمسة من رجاله واصحابه ، واشتد القتال ووقع عدد من القتلى في صفوف الانكليز واستعانوا بالتعزيزات من المعسكر فساندته عشيرة العماريين [احدى عشائر الاكرع] بتغريق الطريق بالمياه فوشى للانكليز أحد الشيوخ المتعاونين معهم بطريق سري للقضاء على العفلوكي واصحابه فقتلوا رجاله وبعد نفاد عتاده قبضوا عليه واعدموه في ارض المعركة ولم يسلموا جثته وقاموا بحرق مضيفه وداره ومواشيه، وكان اعدامه في ثلاثينيات القرن الماضي فأنشدت اخته وكان مطلع قصيدتها (غتار ياتالي اخوتي غتار ، يالطشر العسكر بام الامرار ..).

في يوم ما وقبل عقدين من الزمن تقريبا قام الشهيد غتار كاظم غتار حفيد الشيخ غتار مع خمسة من اصحابة باغتيال مدير 
الشهيد غتار كاظم غتار العفلوكي
استخبارات نظام البعث في الفرات الاوسط في الديوانية بعد تحريض الاخير بتأييد نظام البعث والبراءة من اهل البيت وسب الامام علي عليه السلام جهارا، فكان موقفا فذا وشجاعا في الوقوف بوجه نظام جائر مجرم ديكتاتوري في ظل وضع (امشِ بجنب الحائط)، فقبضوا على اصحابه وثم عليه فأودعوهم الى حبال المشانق عام 2001 ولم يسلموا جثته الى بعد مرور مايقرب العام، وسمي احد جسور الديوانية باسم الشهداء الخمسة هو وأصحابه تيمنا بهم.
فأنشده والده المرحوم كاظم غتار
طردني زماني طرد بتال
وخلاني بتالي الضعن بتال 
راح العيط (يقصد الشيخ غتار) كلت العوض بالتال
وراح التال وكلت العوض بالله

وممايشار اليه ان والده الشيخ براك كان رئيسا لعشائر العفالجة وأهل المجاوير (اصحاب الاهزوجة المشهورة [الطوب أحسن لو مكواري] ولديه معارك وحروب ضد السلطة العثمانية وفقد اثنين من ابناءه فيها واشترك في قتال العثمانين ولده الشيخ غتار واكمل مسيرة المقاومة ضد الاحتلال الانكليزي لحين استشهاده ، ويذكر ان من احفاد الشيخ غتار سلسلة من الشهداء راح أربعة منهم في الحرب العراقية الايرانية، وخامسهم شبيهه الشهيد غتار الذي اعدمه نظام البعث، وسادسهم الشهيد ستار الذي قضى نحبه في كربلاء خلال مقاومته الاحتلال الامريكي اواخر 2003