الثلاثاء، 15 أبريل 2014

برقية الخميني والسبب الغامض بين اعدام الصدر الاول وبلوغ الشاهرودي ايران


علي الخاقاني
    عندما اطالع سيرة السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) تستوقفني عدة امور اهمها مايتعلق باعدامه والذي كان مريبا كلما كررت القراءة والاستماع بهذا الخصوص حتى اصل لحقيقة مخفية مرتبطة بمسألة كبيرة مسألة حياة وموت السيد الشهيد وانها السبب الاول والاساس في اعدام السيد الصدر.
كان السيد الصدر في الفترة الاخيرة من حياته محجوزا في داره من قبل السلطة الحاكمة في اقامة جبرية وقسرية عليه لعدة امور ويعيش ايام حصار رغم كل الحصار والحجز فانه اجاب على كل البرقيات المرسَلة اليه ومايهمنا هنا هي برقية السيد الخميني (قدس سره) المثيرة للجدل في ميزان القراءة الموضوعية الوحيدة التي لم تصل اليه ورقيا وانما وصلته عن طريق استماعه للاذاعة،
ترجمة نص البرقية [بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة حجّة الإسلام والمسلمين الحاج السيّد الصدر دامت بركاته ـ النجف الأشرف
 تناهى إلى الأسماع أنّ في نيّتكم مغادرة العراق بسبب بعض الحوادث . إنّني قلقٌ من هذا الأمر . أنا لا أرى من الصالح أن تهاجروا من النجف الأشرف مركز العلوم الإسلاميّة . يُأمل إن شاء الله أن يزول قلقكم .
والسلام عليكم ورحمة الله
روح الله الموسوي الخميني ]


فنقف مع هذه البرقية عدة وقفات:
الاولى: لايوجد شيء يدل على البرقية حيث ان الشيخ النعماني يذكر انها منعت من السلطة ولم تصله اي قبضت السلطة على حامل البرقية لكنه من ؟! ثم موضع اخر يقول انها وصلته عن طريقه استماعه لها من الاذاعة او جهاز التسجيل اذا هناك شيء غامض.
الثانية: اذاعة طهران العربية التي اجرت الاتصال مع السيد الصدر في بث مباشر لها، ويُذكر ان من سيجري اللقاء مع السيد هو (حجة الاسلام والمسلمين) الشيخ التسخيري، هنا نسأل من أتى بطالب الحوزة ليجري لقاءا عبر اذاعة او وسيلة اعلامية، ومن يأبه للمقدم وكينونته وهل السيد الصدر يهتم لما يحمل المقدم من عنوان ليصرح بذاك التصريح الناري؟! حتى انه لم يكن يعرف من المتحدث معه وهذا ماتدل عليه اعادة الاستماع للتسجيل الصوتي للسيد، وكل المعطيات تدل ان اللقاء مهيأ له عندما نعيد القراءة.
الثالثة: بعد وصول السيد محمود الهاشمي الشاهرودي الى ايران سرعان ما أُذعيت تلك البرقية عبر اذاعة طهران العربية وهنا اشارة واقتران وتلازم بين اسم ووقت وصول السيد الهاشمي وبث البرقية عبر الاذاعة حتى الكل يسمعها من الشعب وحتى السلطة، وهذا التلازم والارتباط لابد منه هو ان السيد الهاشمي نقل رغبة السيد الصدر في مغادرة العراق حتى ردها السيد الخميني بهذه البرقية التي يطلب فيها من السيد الصدر عدم مغادرة العراق وان السيد الصدر تفاجأ واستغرب من هذه القضية الغير حقيقية المفتعلة في انه لم يكن ينوي اصلا مغادرة العراق وان السيد الصدر العالم المتفنن بعلمه ومؤلفاته التي حيرت الشعوب والحكام والحوزات طلب من النعماني تكرار كلمات البرقية التي يفهمها ابسط انسان لعله يجد شيفرة بين سطور تلك الكلمات وهو مستغرب من هذه القضية.
الرابعة: ان السيد الصدر لم يترك التحقق من امر هذه البرقية حيث قام مجموعة من المقربين منه ومنهم النعماني وهو معهم حاضرا في بعضها وان لم يكن المتحدث في قسم منها ليتمكنوا من الاتصال بالسيد الهاشمي في ايران ليستفهم السيد عن صحة واصل هذه البرقية وملابساتها لكنهم لم يتمكنوا وان الاذاعة حددت موعدا مع السيد الصدر ليرد على هذه البرقية التي اثارت كذبة كبرى وافك اكبر على السيد الصدر حتى صُفِّي بسببها ولم يعرف الاسباب والدوافع من وارائها الى ان استشهد وبقت القضية غامضة (قضية مغادرته للعراق والتي تأسست عليها البرقية ثم الاتصال والرد عبر البث المباشر باذاعة طهران العربية التي كان لابد من السيد الصدر الرد كي يكذب وينفي ماأثبتته البرقية عبر نفس الاذاعة والتي سوّغت للنظام اعدامه في كونه ينوي مغادرة العراق وانه طالب حوزة ليس بمرجع (حجة الاسلام والمسلمين في البرقية) وامور اخرى رفعتها تلك البرقية المفتعلة المدبّرة من خارج العراق عن كاهل السلطة، حتى استشهد (رحمه الله) واصدر السيد الخميني بيانا بذلك
نص البيان[بسم الله الرحمن الرحيم
إنّا لله وإنّا إليه راجعون!
تبيّن ـ ببالغ الأسف ـ من خلال تقرير السيد وزير الشؤون الخارجيّة، والذي تم التوصّل إليه عن طريق مصادر متعدّدة وجهات مختصة في الدول الإسلاميّة، وحسب ما ذكرته التقارير الواردة من مصادر أخرى: أن المرحوم آية الله الشهيد السيد محمد باقر الصدر وشقيقته المكرّمة المظلومة، والتي كانت من أساتذة العلم والأخلاق ومفاخر العلم والأدب، قد نالا درجة الشهادة الرفيعة على أيدي النظام البعثي العراقي المنحطّ، وذلك بصورة مفجعة!
فالشهادة تراث ناله أمثال هذه الشخصيات العظيمة من أوليائهم،والجريمة والظلم أيضا تراث ناله أمثال هؤلاء ـ جنات التاريخ ـ من أسلافهم الظلمة.
فلا عجب لشهادة هؤلاء العظماء الذين أمضوا عمرا من الجهاد في سبيل الأهداف الإسلامية،على أيدي أشخاص جناة قضوا حياتهم بامتصاص الدماء والظلم، وإنّما العجب، هو أن يموت مجاهد وطريق الحق في الفراش دون أن يلطّخ الجناة أيديهم الخبيثة بدمائهم!
ولا عجب أن ينال الشهادة المرحوم الصدر وشقيقته المظلومة،وإنما العجب، أن تمر الشعوب الإسلاميّة وخاصّة الشعب العراقي النبيل، وعشائر دجلة والفرات، وشباب الجامعات الغيارى، وغيرهم من الشبّان الأعزّاء في العراق، على هذه المصائب الكبرى التي تحل بالإسلام وأهل البيت رسول الله دون أن تأبه لذلك، وتفسح المجال لحزب البعث اللعين لكي يقتل مفاخرهم ظلما الواحد تلو الآخر.
والأعجب من ذلك هو أن يكون الجيش العراقي وسائر القوى النظامية آلة بيد هؤلاء المجرمين، يساعدونهم على هدم الإسلام والقرآن الكريم.
إنّني يائس من كبار القادة العسكريين، ولكنّني لست يائسا من الضباط والمراتب والجنود، وما أتوخّاه منهم هو: إمّا أن يثوروا أبطالا وينقّضّوا على أساس الظلم، كما حدث في إيران وإمّا أن يفرّوا من معسكراتهم وثكناتهم، وألا يتحمّلوا عار مظالم حزب البعث.
فأنا غير يائس من العمال وموظّفي حكومة البعث المغتصبة وآمل أن يضعوا أيديهم بأيدي الشعب العراقي، وأن يزيلوا هذا العار عن بلاد العراق.
أرجوه تعالى أن يطوي بساط ظلم هؤلاء الجناة.
وها أنا أعلن الحداد العام لمدّة ثلاثة أيام اعتبارا من يوم الأربعاء الثالث
من شهر (ارديبهشت) الثالث والعشرين من نيسان، كما أعلن يوم الخميس عطلة عامّة؛ وذلك تكريما لهذه الشخصية العلميّة، ولهذا المجاهد الذي كان من مفاخر الحوزات العلميّة، ومن مراجع الدين ومفكّري المسلمين.
وأرجو الخالق تعالى أن يعوّضنا عن هذه الخسارة الكبرى والعظيمة على الإسلام والمسلمين.
والسلام على عباد الله الصالحين.
الثاني من شهر ارديبهشت 1359
روح الله الموسوي الخميني]
الخامسة: من يقارن بين تلك البرقية الصادرة من الاذاعة الايرانية باسم السيد الخميني والبيان سيصل الى نتيجة غابت عن الاكثرية حتى ان بعض الباحثين جعلها شيفرة من رموز يفكها من يستقرأها ويحللها موضوعيا، وكل مثقف ومطلع ويمتلك معلومة وله ارتباط بالحوزة يعرف الفرق بين عناوين الحوزويين فهناك فرق بين عنوان حجة الاسلام والمسلمين ومايلازمها من ملحقات كـ دامت بركاته او عزه او توفيقاته او غيرها ولايمكن ان يلازمها دام ظله لانها تلازمية مع عنوان ولقب آية الله الذي يفرق عن الحجة وكل هذه المعلومات لاتخفى على السلطة فهناك اقسام خاصة بمديريات الامن عن الحوزة.
السادسة: المدة الزمنية بين البرقية والرد واستشهاد السيد الصدر (قدس سره) وبيان السيد الخميني صدر اثر الاستشهاد مدة قصيرة تقدّر ببضعة اسابيع (في البرقية كان السيد الصدر حجة الاسلام والمسلمين ودامت بركاته وفي البيان آية الله ودام ظله ومرجع ومن عظماء الحوزة واساتذتها) فاذا كانت البرقية من السيد الخميني وكان السيد الصدر محتجز في داره -لادرس ولاتدريس- كيف انتقل العنوان من حجة الاسلام والمسلمين لآية ومرجع؟!
الخلاصة// 
لنعيد حساباتنا وقراءتنا من جديد ففي كل مرة تنكشف لنا حقيقة لنصل الى نتيجة ان البرقية صدرت من ايران عبر اذاعة طهران الناطقة بالعربية والجمهورية الاسلامية قائمة بقيادة السيد الخميني ووزير الشؤون هو من ابلغ السيد الخميني بخبر استشهاد السيد الصدر مقترنة بوصول السيد الهاشمي وكل هذا بمشهد من السيد الخميني باعتباره رجل الدولة الاسلامية الايرانية الاول والبرقية افتعلت موضوعا لم يكن له وجود اطلاقا وهي قضية مغادرة العراق وان السيد الصدر بقي في شك انها صادرة من السيد الخميني لاستمراره بالتحقق عبر الاتصال المتكرر بالسيد الهاشمي الذي يتمكن من الوصول اليه هاتفيا وان الاذاعة حددت موعدا مع السيد الصدر لتبث الرد مباشرا وان من المفروض من يجري الاتصال معه التسخيري حجة الاسلام والمسلمين (طالب حوزة) عبر الاذاعة الايرانية ذاتها وهذه البرقية المفتعلة التي دفعت السيد الصدر ليكذب خبر مغادرته العراق ويؤيد فيها الثورة الاسلامية في ايران والمقدم يقول في الاتصال ان هناك تظاهرات في ايران تأييدا لكم فماذا تفعل السلطة مقابل مانتج عن هذا الاتصال؟! 
فأصبحت الامور واضحة في ان هذه البرقية مدبّرة من قبل اناس حوزويين وايرانيين حصرا  ومن يريد ان يصل الى غير نتيجة عليه ان يعيد المقارنة بين البرقية والاتصال الصوتي والبيان ويسأل هل البرقية صادرة فعلا من السيد الخميني ؟ اذا كانت صادرة ماتفسير التناقض بينها وبين البيان وكلاهما ببلوغ السيد الهاشمي ايران ؟
------------------------------------
المصادر: